الأربعاء، 26 أغسطس 2015

ابن تيمية والقتل

أحكام القتل في الفقه السني القديم – قائمة ابن تيمية
إليكم بعضًا من أحكام القتل التي أفتى بها الإمام الأعظم شيخ الإسلام ابن تيمية, رضي الله سبحانه وتعالى عنه وأرضاه, في كتابه العمدة "مجموع الفتاوى". هذه الأحكام هي:
1. قتل من جهر بالنية
"الحمد لله الجهر بلفظ النية ليس مشروعا عند أحد من علماء المسلمين ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أحد من خلفائه وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها ومن ادعى أن ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصر على ذلك قُـتل." (5/ 153)
2. قتل من أكل الحيات والعقارب
"الحمد لله أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين, فمن أكلها مستحلا لذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قُـتل." (3/ 51)
3. قتل تارك صلاة الجماعة والجمعة
"التعبد بترك الجمعة والجماعة بحيث يرى أن تركهما أفضل من شهودهما مطلقا كفر يجب أن يستتاب صاحبه منه فإن تاب وإلا قتل." (3/ 52)
4. قتل من اختلف في فهم الشرع
"فأما الشرع المنزل : فهو ما ثبت عن الرسول من الكتاب والسنة وهذا الشرع يجب على الأولين والآخرين اتباعه وأفضل أولياء الله أكملهم اتباعا له ومن لم يلتزم هذا الشرع أو طعن فيه أو جوز لأحد الخروج عنه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل." (3/ 33)
5. قتل من قال إن القرآن مخلوق
"اشتهر عن أئمة السلف تكفير من قال إن القرآن مخلوق وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل." (3/ 128)
6. قتل من تأخر عن الصلاة
"وليس للمستأجر أن يمنع الأجير من الصلاة في وقتها, ومن أخرها لصناعة, أو صيد, أو خدمة أستاذ, أو غير ذلك حتى تغيب الشمس وجبت عقوبته بل يجب قتله عند جمهور العلماء بعد أن يستتاب." (5/ 80)
7. قتل من حرّم الأجر نظير العلم لو كان غنيًا
"وهل يجوز الارتزاق مع الغنى ؟ على قولين للعلماء, فلم يقل أحد من المسلمين إن عمل هذه الأعمال بغير أجر لا يجوز. ومن قال إن ذلك لا يجوز يستتاب فإن تاب وإلا قتل" (5/ 80)
8. قتل من قال بقتال الصحابة
"وأما من قال : إن أحدًا من الصحابة أهل الصفة, أو غيرهم, أو التابعين, أو تابعي التابعين, قاتل مع الكفار, أو قاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم, أو أصحابه, أو أنهم كانوا يستحلون ذلك, أو أنه يجوز ذلك. فهذا ضال غاو؛ بل كافر يجب أن يستتاب من ذلك فإن تاب وإلا قتل."(2/ 448).
تقدم لنا القائمة أعلاه خير مثال للتعرف على الأسس التي بناءً عليها تم إصدار أحكام القتل في الفقه السني القديم.
في كل حالة من الحالات نجد أنفسنا أمام أحكام بالقتل لا يزيد الأساس الذي تقوم عليه عن أن الأئمة العظام قالوا بها, هذا إذا كان لها أساس أصلاً.
في كل حالة من الحالات كذلك نجد أن الأساس المتين والصلب الذي قام عليه الحكم بالقتل هو الكفر. أي أن من فعل ذلك فإنما هو كافر. فذلك هو شكل وحيثيات أن تكون إماما مشهورا ببلاد العرب...أن تكون دمويا مهما خالفت كتاب الله وأن تسارع بتكفير الآخرين فذلك هو إسلام السلفية وهو ما يذعن له الأزهر وغالبية المسلمين.
.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

الخميس، 20 أغسطس 2015

الفكر السلفي في الدين والدنيا


العقل المدوحث للسلفي المدوحث

فاجأتني شقيقتي التي تجاوزت الستين من العمر بأن إصبعها مدوحث، فقفز لذهني بأن هذا لفظ قديم لبيان مرض مجهول رغم أنه يعيش معك في جسدك، نعم هو لفظ سلفي لا أعرف بالضبط مدى عمقه ولا بداية جذوره في عقولنا.
لكن أيا كان الأمر فلقد ربطت بين عقل السلفي وكلمة مدوحث، فالسلفي يؤمن بالقديم مهما كان مجهولا في أصله، فهو يؤمن بأنه سيدخل الجنة برحمة الله، وهو بذلك ينهك قيمة آيات كتاب الله التي تخصص العمل فقط لدخول الجنة [وهل تجزون إلا ما كنتم تعملون].
والعقل السلفي يؤمن بالتقسيم الجائر للفقه الديني بأنه عبادات ومعاملات، وبنظرة سريعة لهذا التقسيم تجده يصرح في مواربة بأن العمل ليس من العبادة، وبهذا فسدت الأمة وتخلفت وبتنا نستورد كل شيء.
والعقل السلفي يؤمن بالنقل ويقدمه على العقل وذلك على اعتبار بأن كل ما جاء بالتراث نص يجب الانصياع له، لكنه لم يدرك بأن الله أمرنا بالتدبر في كل شيء، وقدّم الله أصحاب العقل على أصحاب النقل ممن يدينون بدين [هذا ما ألفينا عليه آباءنا].
والعقل السلفي يعظم الأشخاص وهو بذلك يرتمي في أحضان فكر القدماء ويلعن فكر المحدثين وبخاصة من الذين خالف فكرهم فكر القدماء، وعندهم علم يسمى علم الرجال يعتمد أصلا على عدالة الراوي مهما كانت روايته، وهم وسلفهم الصالح مخالفين في ذلك قوله تعالى [يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا.....]، ففهموا عكس ما ترمي إليه الآية، فبينما ترمي الآية عليك فرض التثبت من القول، فإذا بهم يرفضون رواية الفاسق، ويقبلون من يرونه عدل ضابط، ويهملون التثبت من الخبر الذي أمرهم الله بالتثبت منه؛ فهل صدق الراوي يدل على صدق الخبر؟!، أم صدق الخبر يدل على صدق الراوي، لا شك بأن العقول السوية تنتمي لمبدأ أن صدق الرواية يدل على صدق الراوي، لكن الفكر السلفي عكس ذلك....فهكذا عقل السلفي هو مدوحث دائما..
والعقل السلفي ينطلق من الحديث النبوي على حساب كتاب الله، فهو لا يهتم بمناقضة فكره لكتاب الله، إنما يهتم بكل الإعزاز بما روته له أساطير الأحاديث التي لم يتثبت منها، لكنه تثبت من رواتها، لذلك تجده يرجم الزناة، ويقتل تارك الصلاة، ويقتل المرتد، ويقتل الساحر، ويبتر يد السارق ولا يقطعها، وهو يهدم كل الحضارات خشية الإشراك بالله، ويقتل الفنون بأنواعها....وغير ذلك كثير كثير، وهو بذلك مخالفا لقوله تعالى [ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا....] فتجده وقد ورث السنة عمليا ورفض عمليا ومنهجيا أن يرث الكتاب (القرءان)، وإن كان يرفع عقيرته قائلا بأن منهاجه قرءان وسنة بفهم سلف الأمة.
والعقل السلفي يحصر الحق والدين والتدين في منهاجه ونهجه، ويرجم الآخرين بالكفر والفسق والضلال بدم بارد، مخالفا بذلك قول ربنا [ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون].
والعقل السلفي جعل من فهم السلف معصوما جديدا لم يرد في نقل ولا عقل، فهم يقولون بأن منهاجهم قرءان وسنة بفهم سلف الأمة، وسلف الأمة لم يكونوا على أحلام الصلاح التي يزينها السلفيون للناس، فهم الذين قاتل بعضهم بعضا بحد السيوف بعد وفاة سيدنا رسول الله، بل نزل فيهم قرءان مسبق يقول الله فيه عن سيدنا رسول الله [أفإن مات أو ققتل انقلبتم على أعقابكم]، وهم الذين زوروا الأحاديث على سيدنا رسول الله، وهم الذين قتلوا الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي، بل هناك من يقول بأن سيدنا أبو بكر مات مسموما، وهم الذين جعلوا الخلافة ملكا مورثا، وهم الذين قتلوا كل أهل بيت النبوة من الذكور، وهم الذين اقتادوا حفيدات رسول الله مكبلات بالأصفاد في موكب نصر ملعون، وهم الذين رجموا الكعبة بالمنجنيق وشربوا الخمر على سطحها، وهم الذين هجموا على المدينة المنورة وقتلوا ثلاثة آلاف وخمسمائة مسلم منها وفضوا غشاء بكارة ألف فتاة لما رأى حكماء المدينة المنورة عزل الخليفة يزيد بن معاوية، وهم الذين سجنوا وعذبوا الأئمة أبو حنيفة ومالك وابن حنبل لمخالفتهم الرأي، وهم الذين قالوا بفرض الجزية على كل أهل الكتاب من أهل الذمة مخالفين بذلك كتاب الله الذي فرضها على من لا يؤمن باليوم الآخر، وهم الذين برروا الاعتداء على الأمم عسكريا بما أسموه الفتح الإسلامي بينما الإسلام بريء من هذا التوجه، وهم الذين زينوا عدم الخروج على الحاكم، رغم أنف الأمر بالمعروف والنهب عن المنكر.
وهم الذين قالوا بتعظيم الأئمة الأربعة رغم وجود أعلام آخرين للأمة، ورغم عدم إلمام الأئمة بكثير من الثقافات والعلوم لعدم وجود الطباعة في عهدهم، وهم الذين منعوا الاجتهاد بعد الأئمة لنعيش في أفكار قديمة أصبحت مع مرور الزمن عليها أوحالا فكرية وفقهية.
وهم الذين جعلوا المسلم يعيش الأوهام فهذا شيطان للوضوء اسمه ولهان وذاك اسمه خنزب شيطان للصلاة، ودورات المياة عندنا تحوي ذكور الشياطين وإناثها، وبالليل توجد العفاريت لذلك يجب أن نلملم أولادنا من الطرقات حتى لا تصيبهم العفاريت بسوء، وللجماع شياطين تزاحمك عند جماع زوجتك، وتصيب المولود بنخسة يصرخ منها كل مولود حين ولادته، فهذه معتقداتهم الموروثة منذ أيام الجهل الفكري السلفي، وكل هذا لهم فيه مرجعية من الحديث النبوي، أليس هذا بفكر مدوحث؟!.
وهم الذين حرموا كل الفنون ويريدون هدم الثقافات، وينشرون الرعب في قلوب غير المسلمين ويظنون بأنهم أهل التقوى والمغفرة، وهم بذلك مخالفين لقوله تعالى:[ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة]، ومخالفين ايضا لقوله تعالى [ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هبي أحسن].
وهم الذين حرموا التلفاز فلما صاروا نجوما به قالوا بتحليله، بل يحلف كبير دعاتهم بالله بأنه لا يتقاضى جنيها واحدا من قناة الناس، فلما واجهوه بأنه يتقاضى عشرة آلآف دلار شهريا، فقال لقد حلفت على الجنيه ولم أحلف على الدولار.
وهم الذين قالوا بحرمة الديموقراطية فلما أرادوا ترشيح أنفسهم خالفوا الأحاديث النبوية الموجودة بصحيح البخاري ومسلم التي تنهى المسلم أن يطلب الإمارة ولا أن يحرص عليها، وطلبوا من الناس انتخابهم وعدم انتخاب غيرهم فخالفوا القرءان القائل [فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى].
ولأهمية أن يعرف القارئ كيف يغير السلفي جلده، نسوق لك نصوص أحاديث الإمامان البخاري ومسلم بشأن الإمارة وطلب توليها، والإمارة تعني طلب أي منصب سواء أكان مجلس شعب أو شورى أو رئاسة جمهورية
فبصحيح مسلم باب ما يكره من الحرص على الإمارة حديث رقم [ 6729 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة] .
وبالحديث رقم[ 6730 ] عن أبي موسى رضى الله تعالى عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي فقال أحد الرجلين أمِّرنا يا رسول الله وقال الآخر مثله فقال إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه.
وبصحيح مسلم باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش أي من الضروري أن تكون قرشيا حتى ننتخبك، فهكذا الصحاح التي يولع بها العقل السلفي، حيث ورد بالحديث رقم [ 1818 ] عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم]. وذات المعنى بالأحاديث أرقام [ 1818 ] و أرقام [ 1819 ] و [ 1820 ].
فهل يقدم كل مرشح سلفي شهادة بأنه من أصول قرشية حتى يمكنا تنفيذ حديث رسول الله وحتى لا نخالفه، وكيف نوليه مجلس الشعب والرسول ينهى عن تولية أي شخص يسأل المنصب أو يحرص عليه، أليست لا فتاتهم وسرادقاتهم واستخدامهم للمساجد حرص على تولي الإمارة، ألا يسألون الناس انتخابهم، فهل أصبحت الديموقلااطية وسيلة للوثوب على المناصب رغم أنف السنة النبوية.
وكيف يستخدمون المساجد للترويج لأنفسهم رغم نهيهم المستمر عن ذلك قبلا، أليس عندهم حديث عن من سأل الناس شيئا بالمسجد أو فقد شيئا أن نقول له لا ردها الله عليك ولا أجاب مسألتك!.
وهكذا ولغير هذا فأنا أرى العقل السلفي مدوحث، فهل أنت معي أم تخالفني الرأي، فمن خالفني منكم لن يكون كافرا ولا فاسقا ولا علمانيا كافرا ولا ليبراليا منحلا، فالاختلاف سنة الحياة.

مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي

أهذه شريعتهم التي يريدونها !؟


العجب كل العجب

لا أتصور رجال عظماء مثل الشيخ/محمد الغزالي ومحمد متولي الشعراوي وعبد الحليم محمود وغيرهم إلا انهم أفذاذا، ولا أتصور من تقلدوا منصب مشيخة الأزهر إلا انهم من أميز الرجال .
لكن حين نظرت إلى الفقه الإسلامي على المذاهب الأربعة وجدت ما يندى له جبين البشرية، وجدت عقوبة القتل لتارك الصلاة، وعدم مسئولية الزوج عن أجر طبيب ولا ثمن دواء لزوجته المريضة، وحتى لا مسئولية له عن ثمن كفنها إن ماتت، ووجدت قتل المرتد واستباحة أمواله، ووجدت أقصى مدة لحمل النساء عندهم أربع سنوات بل استباح الإمام مالك زيادتها إلى ما شاء الله فتلد المرأة بعد أي عدد من السنين وتنسب مولودها لمطلقها أو أرملها أو زوجها وإن كان مسافرا لسنوات عديدة، ووجدت دية المرأة المقتولة على النصف من دية الرجل، وكأنها نصف نفس، وما أرى تلك المنظومات وغيرها كثير، إلا انفلات فكري غير منضبط على كتاب ولا سنة ولا نخوة ولا رجولة.
وحين نظرت للتفاسير المعتبرة عندنا وجدت خرافات وأساطير وإسرائيليات وتأويلات ساذجة، منها مثلا عن تفسير قوله تعالى [إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون]، فقالوا في علم الغيب بأن شغل أهل الجنة هو افتضاض الأبكار تحت ظلال الأشجار على ضفاف الأنهار مع سماع الأوتار في ضيافة العزيز الجبار، ووجدتهم يتصورون الصراط المستقيم جسرا على جهنم يعبره الناس جميعا وترتعد عنده فرائص الأنبياء يقولون اللهم سلم اللهم سلم، وما أجد كل ذلك وأمثاله إلا خرافات المرويات أثرت على منظومة التفسير.
لقد تم إنشاء الأزهر وفُتِح للصلاة بشهر رمضان سنة 361 هجرية الموافق يونيو/ يوليو عام 972 ميلادية وفي عام 378 هجرية تم تعيين37 فقيها وعالما بالأزهر، وأنشأ لهم دارا للسكن، وتخرجت أول دفعة وتم تعيينها عام 380 هجرية. أي أن عمر الأزهر اليوم حوالي ألف وأربعين سنة ميلادية، وألف وواحد وسبعين سنة هجرية، ومرت على جميع الفقهاء والعلماء والمحدثين والمفسرين والجهابذة ذلك الفقه وتلك التفسيرات فلم تحرك منهم ساكنا نحو تجديد أو تنقية لحديث أو فقه، بل ما وجدت إلا تضييقا على صيحات التجديد والتنقية، فيا ترى ما سر كل هذا الإصرار على استمرار العته الفقهي بمراجعنا.
وما سر التعتيم من الأزهريين على مثل تلك السقطات، بل وجدت من يقولون بأنها مجرد أخطاء وجل من لا يسهو، والحقيقة أني أعجب كل العجب من ذلك التهوين من الخرق الفقهي الذي يسمونه ثوابت الأمة، إن هذه السقطات إن كانت ثوابتنا تتضمن تلك السقطات فقد لحق بنا العار الفكري والحضاري بل أراه عارا على الرجولة، هل الفكرة التي لا تخرج إلا من فم مجنون نسميها خطأ ونقول جل من لا يسهو؟.
أريد ردا من أزهري واحد يقنعني بأنهم مخلصون لأمر لا أعرفه أو لم أصل إليه يدفعهم لذلك التمسك والتعتيم، ولماذا لم يقيموا فقها يضاهي فقه أبو حنيفة وغيره من أفذاذ القدماء؟؛ لماذا لم يضعوا تلك التفاسير بمتحف التاريخ ويقيموا هم تفسير عصري لكتاب الله يتواكب مع عقول اليوم وفقههم الذي أراه أعظم وأرصن من فقه القدماء.
لماذا قنع أهل الأزهر بمهمة ترديد التفاسير الفقه القديمة، لماذا اجتمعوا ليكونوا عملاء لفكر غيرهم مع علمهم بما ينطوي عليه ذلك الفكر من سقطات يندى لها الجبين والنخوة، أيصرون على استبقاء رضاع الكبير، ورجم القرود الزانية، كيف يستبقون مرويات البخاري المناهضة والمحرِّفة لكتاب الله!، كيف لم يجدوا غضاضة في فقه استحلال نكاح البنات الصغيرة التي لم تبلغ الحلم وهن بسن الطفولة، وما لم أذكره آلاف من السقطات من مثل هذا الدس يعتبرونه ممنوع اللمس والتصوير ويصورونه للناس أمرا مقدسا.
من المسئول عن جريمة صمت مئات الألوف من الخريجين من الأزهر وكليات دار العلوم، من منعهم من الكلام، أتراهم على قناعة بفقه أحقية الزوج منع زوجته أن ترضع وليدها من زواج سابق، ومن قنّعهم بتشويه بظر النساء بدعوى أنه سنة، ألم يجرب أحد تلك الملايين من الخريجين أن تلك السنة المزعومة تنهك الرجال وتفسد متعة اللقاء الحلال بين الزوجين؟.
هل أنا موهوم بكل ما ذكرت، أكل ما ذكرته مندوب وحسن وعظيم غير أني أرى القبيح حسنا والحسن قبيح؟، أهم على حق في صمتهم أم أن صمتهم مريب ويطعن في إخلاصهم لدين الله؟، أكاد لا أصدق ما أنا فيه فأعينوني بقوة.

مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

أعظم مقالاتي


تطوير مفهوم العــمل الصَّالح

لقد تمكنت منا محبة القديم بلا ضابط، لذلك ترانا وقد انغلق علينا الفكر بشأن العمل الصَّالح، فحصرناه فيما كان يقوم به السابقون من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ من أعمال النوافل من صوم وصلاة وصدقة، وأصبح قيام الليل له معنى واحد محدد، وهو الصَّلاة وقراءة القرءان، وصار الاعتكاف بالمساجد أوج العمل الصَّالح في مفهومنا السلفي.
والصَّلاة، والصوم، والحج، والصدقة، وإطلاق اللحى، وتلاوة كتاب الله وسائل يقوم بها العبد، ليرتقى بهمَّته، وليدفن شهواته، وهى من مبادئ الأعمال الصَّالحة ومهدها، لكن أنقف عند تلك المبادئ وذلك المهد أم نتقدم؟؟.
ولقد أدلى الفقه القديم بدلوه في عقائدنا، فقد أقام الأقدمون للإسلام أركانا خمسة، منها ما اختاروا تتويجه على تلك الأركان وهو فريضة الصَّلاة، فأشاعوا عنها أنها عماد الدين، وأن من أقامها يكون قد أقام الدين، ومن هدمها يكون قد هدم الدين، وأن تاركها ملعون وجاره ملعون أيضا إن رضي به، بل جعلوها فارقًا بين الكفر والإيمان، ورأيي أنهم تركوا الأهم وعظَّموا المُهم، لأن شهادة الوحدانية لله والإيمان برسوله هي عماد الدين، لكن نظرا لبساطة عقولنا وتعودنا تركها للدّعة والكسل، ولتغلغل فقه الميراث فقد روَّجنا لشعار الصَّلاة عماد الدين بين أولادنا، فعلموا أهمية الأمر، ولم يعلموا عظمة الآمر ، فترى أكثرهم لا يُصلُّون أو يتفلتون منها.
ونظرا لتقديسنا القديم والأقدمين ترى الثقافة الإسلامية القديمة قد راجت في أفكارنا، وترانا ونحن نقاوم كل فكر لمُؤَلِّف جديد، ونتشكك في توجهاته مخافة أن يكون مشكوكا في إخلاصه، وهكذا تم قتل الإبداع والمبدعين وهم على قيد الحياة، بينما ترانا نصيح بلا واقع بأرض الواقع أن الإسلام والقرءان صالحان لكل زمان ومكان، ولست أدري كيف تكون تلك الصلاحية الدائمة ونحن لا نقبل إلا أفكار الأقدمين !!.
لقد تم إنشاء أمة بلا هوية من دين الله إلا بالمناسبات الدينية، وذلك من تركيز الدعاة على ما كان يفعله الصحابة في كل مناسبة، وفقدنا التمازج والتطور مع الحياة، وفقدنا الرَّشاد أيضا، حتى أصبحنا في ذيل الأمم بتهافتنا على القديم والقدماء، ولأن الوظائف والعمل لم تأخذ مكانها الصحيح داخل حظائر فكرنا، لذلك فإننا نؤدي العمل روتينا كما أدَّاه الأقدمون بينما نحسب أننا نُحسن صنعا، حتى تخلفت الأمة التي لا تعي أن الإبداع من العمل الصَّالح، وأن الوظيفة العامة من أسس العمل الصَّالح، وأن التميز في الحرفة من العمل الصَّالح، بل راحت تصف أهل الفكر بالبدعة والخروج على النظام، بل تنعتهم أحيانا بالانحلال الخلقي، بل تقول عنهم بأنهم علمانيين بمعنى فاسقين.
فالألعاب الرياضية، وجهاز التلفاز، ولصق الأوراق على الحوائط، وألعاب الأطفال، والاحتفال بالزفاف بغير الدف، والصور الشمسية...وغير ذلك كثير، يعدّه بعض سدنة التدين السلفي من الفسق أو من الخروج على السُّنة، وأصبح الموظف العام لا ترى عينيه ولا يعي عقله أي قربى لله حين يؤدي وظيفته، لذلك فلا مانع أن يرتشي، أو يُهمل، أو يتعلل للخروج قبل انتهاء ساعات العمل، ومع ذلك فهو يصوم، ويظن أنه يفعل العمل الصَّالح الذي أوصى به رسول الله ، وما ذلك إلا من القصور الفكري عن حقيقة العمل الصَّالح، كما أصبح الحِرَفي والمِهَني في بلادنا أقل إخلاصا وإبداعا، بينما تراه فارسا لأداء نوافل الشعائر.
ثم توسع سدنة التدين في إنشاء طقوس يدَّعون أن فيها ثمرة القرب من الله، فتوسعوا في السُّنَنْ، وفرضوا رؤيتهم في الواجب منها الذي يقرب الناس إلى الجنة، وقاموا بنشر ثقافة التفسيق ينعتون بها من خرج على تعاليمهم، وهكذا حبسونا داخل فقههم عن نوافل الشعائر، وشكل اللباس للمرأة والرجل وهيئتهما الخارجية، ودعوات للصباح وأخرى للمساء، وهذا للخروج وهذا للدخول، ودعاء لتفريج الكرب، ودعاء لإصلاح الأحوال، ودلائل الخيرات للصلاة على خير البرية ، حتى حولوا حياتنا وعلاقتنا بربنا إلى محفوظات قولية، نفزع إليها كما يفزع السحرة لتمائمهم، وهي توسعة غير لازمة لنشر وهم التقرب إلى الله، اللهم إلا من تغير نفسية من يدعو ليقيم لنفسه همَّة غير همَّته، ولا أعني أن نترك الدعاء، لكن أعني أن ننشغل أكثر بذكر الله في طاعته بالعمل لعمارة الحياة ونفع الناس مع عدم ترك الصلاة ولا الدعاء لله.
لقد كان الخراب هو الإفراز الطبيعي لفكر التقوقع في نوافل الشعائر والمأثورات لأبناء خير أُمَّة أُخْرِجَت للناس، فكان البترول تحت أقدامهم، بينما هم يعيشون عيش البدو يرعون الأغنام كأسلافهم، ولا يفكرون إلا في الإكثار من النوافل، حتى جاءهم أصحاب الهمم من كل الملل فاستخرجوا البترول من تحت أرجلهم ليقيموا به ثورة صناعية شملت العالم، وللأسف فات قطارها المسلمين دون أن يلحقوا به.
وقامت قطارات الثورة الرقمية والتكنولوجية والإلكترونية، ونحن ما زلنا نرى العمل الصَّالح في المسبحة والنوافل، حتى أدركنا حضيض التخلف، وكأن الناس يأكلون ويشربون ويتنقلون بالطائرات والسفن ويسكنون الدور والقصور بنوافل الشعائر والمأثورات، وبينما يدعون الله أن يخسف عدوهم، فإن الله يقوي شوكته، ولا يستجيب لهم كما استجاب لنبيه ولصحابته الأجلاء، فلم يلبثوا إلا أسيادا على الأرض.
كما أصبح لنا مفهوم تطبيقي خاص للسُّنة القولية يبين مدى ما أصبحنا فيه من عنت فكري، ولي أن أثبت تلك التوجهات التي سيطرت على أفكارنا وأعمالنا بطرح الأمثلة من سلوكياتنا وما كان يجب أن يقابلها من قويم السلوك، وكيف نسي المتدينين في بلداننا الإسلامية ضرورة تأثر الفقه وتنوع أحكامه بتغير الظروف والأزمنة، لكن هيهات لمن يصيحون باسم السلف ـ بلا عقل ـ أن يعوا ما يدفعون إليه البلاد، وكيف أن نمط ذلك السلوك دفع الأمة للتخلف الحضاري، لذلك فقد اخترت مفهومنا عن العمل الصَّالح كنموذج لتبيان مدى الانحدار الذي وصلنا إليه بتمسكنا بالسلوك الفكري السلفي، وسأتناول سُبل العلاج من منظور فقهي أراه قويما.
لكن في البداية لابد من تصور شكل الحياة بالقرن السابع الميلادي حين نزل القرءان على رسول الله ، وحتى انتقاله إلي رحمة مولاه، فلقد كانت الأنشطة المتوفرة محصورة بين رعي الغنم والإبل والاستفادة من أوبارها وألبانها ولحومها، وتجارة التمر، وبعض الأنشطة اليدوية البسيطة، وسقاية الحجيج، وكانت الحرارة الشديدة لشمس النهار ذات أثر في شكل ونمط الحياة، لذلك لا عجب أن ينحصر العمل الصَّالح في زمانهم في صلوات أو صوم أو صدقة، وخاصة أن تلك النوافل كانت حديثة عهد بالنَّاس فكانوا يعمدون لها لتثبيتها في أنفسهم وأولادهم.
لكنهم كانوا متطورين حياتيا، فقد حفروا الخندق حول المدينة لحمايتها، ولم يكن على عهدهم خنادق، وركب طارق بن زياد الفُلك إلى إسبانيا، ولم يكن لأسلافهم أفلاك حربية، وقاموا بتعيين أمراء للأمصار يعملون بأمر أمير المؤمنين بالمدينة، بينما لم يكن على عهدهم إلا نظام القبائل غير المتفقة أو المتعاهدة.... وهكذا كانوا متطورين وفق الإمكانات المتاحة بعصرهم، لذلك دانت لهم الأرض ومن فيها.
ضرورة تطور مفهوم العمل الصَّالح
إنه مع تطور الأزمنة تنوعت وكثُرت عناصر العمل الصَّالح، وتطورت الفوائد المرجوة من العمل الصَّالح وفق احتياجات كل عصر، فما كان يسعد النَّاس بالأمس لم يعد يُطرب أحدًا اليوم، فضلا عن أن كلمة {عمل صالح} لا تعني أن يكون الصلاح في الذَّات فقط، بل يكون أفضل إن كان لخير المجتمع، فلا خير في ذواتنا إن لم تنتفع بها الدنيا ومن عليها، فعمارة الدنيا هي من أسباب وجودنا نحن الصَّالحين، لذلك فإن أوج العمل الصَّالح لا ينتهي عند إصلاح نفسك أو اغتنام ثواب الاستقامة من الله، فإن ذلك إن حقق الأمان، فإنه لا يحقق السعادة في الحياة، لأن عملك الصَّالح الذي ينفع الغير أفضل من عملك الصَّالح الذي ينفعك فقط، وهو الذي يحقق لك سعادة الدَّارين.
كما أن قيمة العمل الصَّالح تتفاوت، فالعمل الصَّالح الذي يفيد أكبر عدد من الخلائق أفضل من العمل الذي لا يفيد إلا جمعًا صغيرًا، والعمل الصَّالح الذي يمتد أثره مع السنين والقرون خير من العمل الذي يزول أثره سريعا، والعمل الصَّالح الذي تتجذّر فائدته وأهميته في النَّاس خير من العمل الذي يكون هامشي الفائدة...وهكذا.
والعمل الصَّالح لا يعني عملا صالحا في وقت محدد أو مع أشخاص بأعينهم، فهو ليس بنزوة طارئة في المناسبات لا تلبث سريعا أن تزول، بل هو عمل ممتد، ومستمر، ولكل الخلائق، بل يدخل فيه الإحسان إلى الأرض والسماء، فنمنع عنهما التلوث، ونبحث فيهما من أجل إسعاد البشرية، ونتعلم من خلالهما عدد السنين والحساب، فنحسب مطلع الهلال بأوائل الشهور العربية، ولا نحملق في السماء كما كان إنسان القرن السابع الميلادي يفعل، ثم نزعم أن ذلك سنة.
لذلك ومع تطور الزَّمان، وتطور الوسائل، وتغيُّر ما كان يصلح للناس في الماضي عنه في الحاضر، كان لابد أن يتغير معهم معنى العمل الصَّالح بتغير الزَّمان، ونحن نتغير حتما دون أن ندري، لكن ترانا ننغلق حينما نضيق النظر في تعاليم الدين، فتنغلق حقيقة سعادة الدنيا في وجوهنا.
وأضرب المثل لتغير نفوسنا، فما كان يفرح به فقير زمن الصحابة إذا ما منحته قطعة من القديد {لحم مجفف على حرارة الشمس}، لا تقبله نفس فقير اليوم وتعافه ولا تقبله، وأصبح للفتاة رأي في اختيار شريك حياتها عن ذي قبل...وهكذا.
أما عن تغيُّر الأهداف الموضوعية للعمل الصالح ففي زمان كانت الصدقة فيه موضعية، أضحت في زماننا هذا لها ضرورة موضوعية، فليس من أنفق ألفًا من العملات المالية على أسرة كمن أنشأ متجرا لها بنصف هذا المبلغ، فإن أكثرهم نفعا للغير أكثرهم ثوابا، وإن قل إنفاقه، لأنك لا بد وأن توظف جهدك ومالك ليُدِر أكبر النفع على المحتاجين، وهو ما يتطلب منك جهدًا فكريًا لتتمكن من الريادة بين أصحاب الأعمال الصَّالحة، وذلك فضلا أن يكون العمل الصَّالح مما يُرضي الله، وأن يكون خالصا لوجهه تعالى، وأن تبذل فيه أقصى الطاقة، فتلكم هي من شروط العمل الصَّالح المقبول منذ بداية الخليقة.
شرح لحديث نبوي عن العمل الصَّالح
وعودة إلى الفقر الفكري الذي أصاب الأمة من تقليد وترديد الفكر السلفي في تنفيذ تعاليم النبي في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص بمسند الإمام أحمد، حيث قال: {ما من أيام العمل الصَّالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر {يعني العشرة أيام الأوائل من شهر ذي الحجة}....}، فإن الصحابة الأجلاء حينما سمعوا ذلك من رسول الله أكثروا من الصَّلاة والصوم والذِّكر في تلك الأيام العشرة، وما كانوا يملكون من حيلة في العمل الصَّالح غير ذلك.
لكن ترانا نحن بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا من الزَّمان، ومع تطور دروب العمل الصَّالح والفوائد المرجوة منه للمجتمع، لا نزال نُقلِّد إنسان القرن السابع الميلادي رغم أنف كل المُتغيِّرات، فنحن لا نجد في أفكارنا معنى عن العمل الصَّالح إلا الصوم، لذلك ترانا نهرول لنصوم فيها كما كان يفعل الصحابة ونظنه أوج الصلاح الذي أمر به النبي، ولم نعلم أن العمل الصالح تتغير قيمته وشكله وأهدافه تبعا لمتغيرات الزمان، وهو ما سيتم بيانه في السطور التالية.
نعم أعلم أن الإمام مسلم ذكر في صحيحه بالحديث رقم (1163) ما رواه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :"أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم. وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل"، لكن ذلك عن أفضل الصوم وليس عن أفضل الأعمال، وهو يعني شهر المحرم وليس شهر ذي الحجة.
تباين معنى العمل الصَّالح بتباين الزَّمان و المكان والشخص
لو أننا كنا تطورنا بمفهوم العمل الصَّالح كما تطورت الأزمنة، لعلم الموظف أن كرسي وظيفته كمحراب صلاة، ولاستحى مما يفعله بوظيفته، ولعلم أن ثوابه بالوظيفة العامة أعلى مقاما وعددا من ثواب صومه، ولا يقولن قائل أن الموظف يصوم ويؤدي وظيفته في آن واحد، فإن الرسول يريد منا في الحديث المذكور عن العمل الصَّالح في العشرة أيام الأوائل من شهر ذي الحجة أوج العمل الصَّالح، وليس العمل الصَّالح فقط، لأنه من المفترض أن يكون العمل الصَّالح هو نهج المسلم يوميا، والأوج يكون بتلك الأيام العشرة كما يكون بشهر رمضان.
وما يكون أوج العمل الصَّالح إلا ببذل أقصى الطاقة فيما يفيد أكبر عدد من النَّاس ولأطول مدى زمني، كلٌ وفق طاقته وقدرته، والصوم والصَّلاة والتسبيح لا تتوفر فيها تلك الشرائط قدر ما تتوفر في أداء الوظيفة العامة بإخلاص وإبداع، وقدر ما تتوفر للمجتهدين والمبدعين من المهنيين والحرفيين الذين يريدون رفعة لأوطانهم، إرضاء لربهم وطاعة له في البحث لتنمية دروب تخصصاتهم الحرفية أو العلمية.
فالمدرس الذي يُبدع وسيلة حديثة من وسائل التعليم إنما يقيم أوج العمل الصَّالح...، والحرفي الذي يبتكر أفضل من الحرفي المُنَفِّذ...وهكذا، فلابد لكل منا أن يبذل قصارى جهده وفكره ليفيد من حوله، وليبقى ذكره بعد رحيله عملا تعمُر به الأرض والفكر، وليكن له تلامذة يسيرون على دربه، يؤكدون منهاج إخلاصه ميراثا يسري في الأجيال.
ولي أن أسوق الدليل من السُّنة النبوية فيما قاله النبي ، ولكن بدايةً لابد من العلم أن أقوال رسول الله لها اختلاف وفق البُعد الزمني، وأحيانا لها بُعدٌ مكاني، وأحيانا أخرى تختلف وفق بُعد المُخاطَب..وهكذا، فليس كل قول للنبي صالحًا لكل زمان ومكان كالقرءان الكريم، فإن هذا الفكر أوقع الأمة في أغلاط كثيرة لذلك وجب التنويه.
التباين كان نهج رسول الله
كان النبي يتباين حُكمه أو قوله، تبعا للظروف أو الشخص الذي يخاطبه، أو الزمان أو الحال، فتلك هي سنته التي يجب أن نقف عليها، وندلل عليها بما يلي:ـ
1ـ فمن أمثلة تغيُر الحُكم بتغير بُعد المُخَاطَب، إجابته للذين سألوا عن أفضل الأعمال فقد قال لأحدهم:{ إيمان بالله ورسوله ثم جهاد في سبيل الله ثم حج مبرور} رواه البخاري، وقال لآخر عن ذات السؤال:{الصَّلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله} رواه مسلم، وقال لثالث: {عليك بالصوم فإنه لا مثل له} رواه النسائي، كما أنه لم يرخص لابن أم مكتوم بأن يصلي في بيته بينما رخص لعتبان بن مالك رغم كونهما يشتركان في انعدام نعمة النظر، المرجع {البخاري كتاب الأذان}.
2ـ ومن أمثلة اختلاف الحكم باختلاف الزَّمان والظروف، قوله بعد فتح مكة: {لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية} وكان يرخص قبل فتح مكة في الهجرة من أي بلد فيه عنت للمسلمين، كما أن هذا الحكم لا ينطبق علينا في هذه الأيام، وإلا ما استطعت أن تغادر بلدك الذي لا تستطيع أن تقيم فيه حدود الله وتهاجر إلى بلد آخر، حتى ولو كان إلي مكة ذاتها.
3ـ ومن أمثلة تغير الحكم بتغير المكان، ما قاله النبي عن تمر المدينة المنورة وفضله في دفع السم، فإن هذا الحكم لا ينسحب إلى أي تمر إلا تمر المدينة...وهكذا.
وقد تختلف قيمة العمل الصَّالح وأهمية نوعيته وفقا للظروف، فحين تكون حدود الدولة مهددة يكون أوج العمل الصَّالح الالتحاق بالجندية، وليس سماع الدُّروس الدينية، ولا الاعتكاف بالمساجد، وحين يعم الفقر يكون إنفاق المال هو أوج العمل الصَّالح، وحين ينتشر الجهل يكون نشر العلم أوج العمل الصَّالح، وهكذا تتغير قيمة العمل الصَّالح المطلوب بتغير الظروف التي تمر بها البلاد.
والأمثلة أكثر من أن أحصيها، فبينما كان حفظ كتاب الله عن ظهر قلب من أوج العمل الصَّالح في زمن سابق، فإنه اليوم ومع المخترعات الحديثة من أجهزة تسجيل وحواسب الكترونية تم تسجيل القرءان بها قد تقهقرت أسبقيته، وأصبح تدبر القرءان هو الأولى ببذل الجهد.
وقول النبي :{المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير}، قد ينحصر في زمانه في المؤمن القوي البنية أو الشخصية، لكنه اليوم يعني أكثر من ذلك فبالنسبة للمؤمن ذي الجاه يعني العمل الصَّالح في حقه إحقاق الحق وإبطال الباطل، وبالنسبة للعالم يعني العمل الصَّالح في حقه الإبداع في نشر العلم، وقد يدفعه ذلك إلى دراسة علم النفس، وبالنسبة للغني قد يكون في زمان مضى أوج العمل الصَّالح إطعام الطعام، أما اليوم فبالنسبة له يكون توفير فرص عمل، أو إنشاء مَصَحَّة للفقراء هو أوج العمل الصَّالح.
ومن البيان العملي لفقداننا التباين الواجب في عمل الصالحات، أنك تجد العاصي القائم على معصيته الذي يصوم وفق منهاج الميراث، يكون أحوج للتوبة من معاصيه عن أن يصوم، وكان حريًا به أن يتوب أفضل له من صومه بتلك الأيام العشرة، لكن ميراثه الفكري يؤثر عليه ويرغمه على الصوم تصورا منه أنه يقوم بالعمل الصالح، وما أراه إلا عملاً صالحاً متوارثاً بلا عقل، وأظنه غير مقبول، فرب صائم لا يأخذ من صيامه إلا الجوع والعطش.
ومن التباين في الأعمال الصالحة وقيمتها وفق تغير هوية كل شخص ما قيل في التوبة أنها حسن، لكنها في الشباب أحسن، والعدل حسن، لكن في الأمراء أحسن، والورع حسن، لكن في العلماء أحسن، والحياء حسن، لكن في النساء أحسن، والصبر حسن، لكن في الفقراء أحسن، والسخاء حسن، لكن في الأغنياء أحسن، والعمل الصالح حسن، لكنه في الشباب وبنهاية العمر أحسن، والقبض على الدين حسن، لكنه في الفتنة أحسن...وهكذا، نجد تباين قيمة العمل الصالح وفق كل شخص وحالته والظروف المحيطة به.
ثم وفي وجه آخر من وجوه ضبط أمر العمل الصالح عن الاعتبار بما حولنا، ألم ير أبناء ديني كيف تقدمت الدنيا من حولنا بينما أحلنا نحن دنيانا إلى خراب، إن النعاج والأغنام التي نربيها أهزل من أن تقف أمام شموخ أغنام أهل الغرب، ولقد علَّمُونا صناعة الدواجن، ففشلنا فيها، ولا زلنا نستوردها منهم لنأكلها على موائد إفطارنا، بينما نحن ذاكرون وصائمون، ونظن أننا نعمل الصالحات، فأين قيمة الإبداع في العمل الذي تتطور به الزراعات والنعاج والدواجن؟ لقد خرج من منظومة العمل الصالح في ثقافتنا الواقعية.
وكعادتنا في تكريس الضحالة الفكرية فإننا حين أطلقت أمريكا كبسولة فضائية وبها رواد فضاء، وكانت تلك الكبسولة تدور حول الأرض مرة واحدة كل ساعة ونصف، فكان يمر على روادها الليل كله والنهار كله في ساعة ونصف الساعة، فكان شُغلنا الشاغل: كيف يقيم رائد الفضاء ـ إن كان مسلما ـ الصلاة؟، وكيف يحسب توقيتاتها ليؤديها؟، ولم يدر بنا الفكر عن مدى تخلفنا عن الحاضر الذي نحياه!!، ولا مدى ما فاتنا من علم، ولا كيف نلحق بأولئك الذين تقدموا!!، ولأننا لم نتطور فقهيا، ولأننا لا نتدبر كتاب الله فلم يدر بخلدنا أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فكن ربانيا واجعل عملك كله لمرضاته، واعلم أن رائد الفضاء ليس لديه ماء وضوء، ولا دورة مياه، وحتى الحصير الذي تصلي عليه فهو لا يملكه، لذلك فصلاته تكون وفق ظروفه.
والدعوة إلى الله تراها تعاني من نمط سلوكي من الهشاشة، وذلك بانتقاء الموضوعات المكررة من وجه خاصة بالمناسبات، ومن وجه آخر تكرس لفقه الشعائر والدعاء بالمأثور، وتقليد الصحابة رغم اختلاف الأزمان والعهود، بينما تترك الحابل في النابل لفقه الحياة بدين الله، فقد كرس الدعاة الدين للحياة واعتبروا العلم الشرعي هو العلم الناجع والمفيد والضروري لمن أراد رضوان الله، ولم يبث أحدهم ـ إلا على اختصار واستحياء ـ أن الرفعة في الدنيا والعلوم التجريبية من أصل العمل الصالح، مع عدم إهمال العلم الشرعي، حتى أنك ترى بموطأ الإمام مالك كتاب اسمه كتاب العلم ليس به إلا حديثا واحدا، حيث قال بالحديث رقم: { 1821 } حدثني عن مالك انه بلغه ان لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال {يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء}، بينما يستفيض أي مرجع من مراجعهم في غُسل الجمعة، والبكور إلى الجمعة، واستحباب ما يقرأ يوم الجمعة، وفضل الصلاة على رسول الله يوم الجمعة وليلتها، والتطيب يومها،....وهكذا.
ولقد كان لمؤلفاتهم ونوعيتها وموضوعاتها أكبر الأثر لتكريس هذا الاتجاه بين المسلمين، وبها تخلف جهد المسلمين عن الدنيا، وأصبحت دولهم تسمى بالدول النامية رغم ما يملكون من ثروات وهبها الله إياهم، لأن المخلصين والمتعمقين في دين الله انصرفوا لتلك المحفوظات، وظنوا أنهم أهل التقوى وأهل المغفرة بينما هم يشدون قاطرة الأمة إلى أسفل دون دراية منهم.
لست ضد البكور يوم الجمعة ولا التطيب، ولست ضد الغسل لها وغير ذلك من فقه الشعائر، لكني ضد تكريس الوقت وحشو الأدمغة وتأهيل الناس لعدم رؤية أهمية قصوى إلا لذلك الفقه المستمد من طريقة حياة كانت تصلح للناس في زمن غير زماننا، حتى هلكنا وتخلفنا لعدم سعينا إلا في تلك الدروب.
إن رؤيتي للأمور يجب أن تكون في تطور مستمر طالما حقق ذلك التطور مقاصد الشريعة، وأضرب في ذلك المثل، فتعلُّم الكمبيوتر (الحاسب الآلي)، والدخول على شبكة الإنترنت، أراهما من السنة النبوية، لأن النبي إن كان موجودا بيننا لتعلمهما، لأنه كان خُلُقُه القرءان، والقرءان يقول: {.... وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114؛ فلابد أنه سيكون أول من يستزيد من العلم.
وقس على ذلك كل شيء حولنا، لقد أحلناه خرابا ونحن نصوم ونُصلِّي، ونصيح قولا أن عمران الدنيا من الإسلام، بينما لا توجد صناعة ولا زراعة ولا أدب ولا حضارة ولا علوم ولا أبحاث، بل نجد منا من يجهر بكل الفخر بفقر رسول الله، وكأنما يستحثنا على الفقر، وهُم يحاولون تعميق الزهد فينا بذم الدنيا في مقالاتهم وخطبهم، بينما يُعظِّمون فوائد الذِّكر والتَّسبيح والصوم والصلاة، ثم على استحياء يذكرون العمل أحيانا.
وكنتيجة مباشرة لمعتقد أن العلم الحقيقي هو علم الدين، أن خربت بلادنا من التقدم والحضارة في كل العلوم إلا علمًا أكاديميًا في الدين، وهم يفخرون بعدد المآذن في بلدانهم، ويكثر ذكورهم القول بالفخر أيضا بأنه يستطيع أن يتزوج أربع نسوة، بينما لا يدرك حقيقة التشريع فيها، وهكذا أصبحوا حاضرين في الدنيا وكأنهم غائبون، بل ويصيحون بضرورة عمارة الدنيا، ولست أدري أي دنيا؟ وأي عمارة؟، ولست أدري أين الأثر على الأرض لعملهم الصالح الذي يعملونه؟، أو السنة النبوية التي يزعمونها.
لقد ذكر الشيخ/ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ في كتابه كيف نفهم الإسلام بالصفحة رقم 39 منه ما يلي: { أتدري معنى تقلُّص الإسلام من الميدان الاقتصادي وانفراد الآخرين بالسلطان الواسع فيه؟، إن معنى هذا هوان رسالته، وبوار دعوته، ثم تقلُّص رُقعته المعنوية والمادية معا، واستحالته إلى أنقاض، لا يُسمح لها بالبقاء إلا ريثما يتم التخلص منها، ويمهد لغيرها}.
لقد كتب الشيخ ذلك الكتاب عام 2003 أي منذ أكثر من ثماني سنواتٍ خلت، وما زلنا في مكاننا، لا نتأثر إلا بالقديم والقدماء، وظل فكرنا عن العمل الصالح حبيس ماضي السلف الصالح وصورة أعمالهم، فأصبحنا طاقات معطلة، وإن عملنا فإننا لا نعمل إلا ما يسيء لبلداننا، أو نعمل بصورة عشوائية أو تقليدية، لأننا لم نعلم أن أساس العمل الصالح هو ما يفيد المجتمع، بل ترانا نُقدم أسوأ صورة عن عدم التعاون بيننا، مع فقدان الإخلاص في جميع الميادين.
والعمل الصَّالح قد يكون فريضة، وقد يكون سُنَّة، وفرضيته قد تكون فرض عين، وقد تكون فرض كفاية، فمسئولية الأب في أولاده أن يقوم بتنشئتهم على منوال من رضوان الله، واستمرار وعظهم وهو فريضة في حقه، فإن لم يقم بها أثِم، ومسئولية الأعمام والأخوال فرض كفاية بالنسبة لأبناء إخوتهم، فإن قصّر الأب عن أداء مهمته صارت مسئولية التربية فرض عين على الأعمام والأخوال...وهكذا.
وحكم كون العمل الصَّالح سُنَّة يختلف باختلاف الواقع، فقد تكون سُنَّة يلزم القيام بها، وقد يكون العمل بها مندوبا، فوجود الطبيبة المسلمة يُلزم النساء بالتوجه إليها لتنفيذ سُنَّة التداوي والحفاظ على الصحة، ويكون حينها ذهاب النساء للذكور من الأطباء مكروها، وحينما يكون التداوي بالأعشاب وبأصحاب الخبرات مندوبا، فإنه يكون مكروها في وجود الأطباء والأدوية...وهكذا.
وحين يحُثُّ النبي أُمَّتَهُ على العمل الصَّالح بالأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة، إنما يطلب زيادة عمل الصالحات، ولا يطلب عمل الخير فقط، ويكون ذلك العمل الصَّالح عملا نوعيا وفق ظروف كل دولة، ووفق إمكانات كل فرد، بما يعني ضرورة إبداع كل فرد فيما أمكنه الله فيه لتنمية أمة بأسرها، أو لإفادة الآخرين، وأخيرا لنفسك وهو أقل القليل.
الدولة وموظفوها والعمل الصَّالح
قد تُنفق أموال الأوقاف في زمان مضى لمساعدة المحتاجين وإنشاء المساجد، لكني أرى أن إنفاقها على البحث العلمي الذي دأبت الدول العربية على عدم مساندته أفضل من إنشاء المساجد، كما أرى أن التخطيط وتنفيذ ربط مصر بالسودان بطريق مُعَبَّد أعظم ثوابا من كل ما غنمه جميع الصائمين هذا العام من ثواب في العالم الإسلامي بأسره.
ولو تعاونا تم لإنشاء جسر بحري بين مصر والسعودية لكان أفضل لاتحاد الأمة وقوتها، ألم ير المسلمون أن فرنسا وإنجلترا ارتبطتا بنفق تحت بحر المانش رغم ما كان بينهما من حروب طاحنة على مر التَّاريخ!؟، ألم يسأل أحد الحُكَّام أو المنافسين من أهل المعارضة في دولنا الإسلامية، لماذا لم ترتبط مصر والسعودية بسكك حديدية عبر خليج العقبة؟، أم ترانا ندرُس الجغرافيا لأجل الحصول على شهادات لا تنفع الأمَّة، أو نتقلد المناصب لأجل استمرار القطيعة والاختلاف بين دولنا!؟، أم أننا نُنَفِّذ للغرب تعليماته لاستمرار الفُرقة والتفكك بين دولنا بينما نصوم ونظن أننا نُحسن الصنع.
ولو تم التخطيط ثم التنفيذ لإنشاء شركة للصيد بأعالي البحار أو حتى ببحيرة ناصر، لكان أفضل من كثير من نوافل الشعائر التي يهتم بها الموظف العام سواء أكان وزيرًا أم رئيسًا لمصلحة، أو رئيسًا لجمهورية أو ملكًا.
كما لم يكن الإنفاق على البحث العلمي موجودا بزمن النبي، حيث لم يكن هناك بحث علمي، وهو اليوم فريضة لازمة في حق القائمين على الدولة، فما فائدة صومهم بينما الدولة تَجُر أذيال التخلف الصناعي والتخلف الزراعي والتخلف التقني في عهودهم؟، لا شك أن مفهومهم عن العمل الصَّالح قد انغلق على فكر قدماء السلف.
كل تلك المشروعات تبدأ من عند موظف عام مخلص في عمله، سواء أكان صائما أيام النوافل أم لا، لكن المهم أن تعلموا أن دروب الإخلاص في زماننا غير دروب الإخلاص زمن الصحابة، وأننا في أيامنا هذه أوفر حظا منهم بتوفر ذلك التنوع، لكن يعوزنا الإخلاص والتفاني والخروج من شرنقة الماضي، بل فقدنا العقل والرشاد، ووقعنا في غرام فقه السلف بلا ضابط.
وحسنا قال الشيخ الغزالي ـ رحمة الله عليه ـ في كتابه {ليس من الإسلام}: "فمن ظن الدين قياما بأعمال معينة في أماكن معينة فهو واهم، إنه لن يتم إيمان إنسان إلا إذا تكونت في نفسه ملكة الإجادة فيما يوكل إليه من عمل، وهي الإجادة الشاملة التي تبلغ بالأمر تمامه، وتكره فيه القصور، وتخشى عليه الفساد، ....ثم استطرد يقول: إن شر ما أصيب به الدين حصره في طائفة من الأعمال يحسب الجُهَّال أنهم إذا أتوا بها فقد أدوا واجبهم ولا عليهم بعد، هذا الفهم الخاطئ جعل الحياة تشقى بأصناف العابدين الذين يصلون ويصومون، لكن أعمال الحياة تفسد في أيديهم، لذلك لا يؤمنون عليها"، وقال:"إن انحصار العمل الصالح في عبادات خاصة جعل طُلاََّب التقوى يشغلون أوقاتهم المتطاولة بتكرير هذه الأعمال المحدودة وكأنهم لا يرون غيرها وسيلة إلى مرضاة الله".{راجع من ص170ـ172 من الكتاب المذكور}.
إن العمل الوظيفي بنظرية {ما تيسر} إنما يُمثِّل خيانة للأمة، وإن بذل أقصى الطاقة إنما يُعَبِّر عن قويم الأخلاق التي نتنادى بها، دون أن يكون لنا حظ منها إلا من سمات شخصية لا تخرج عن كونها من الذوق، والكفاح لا ينحصر في ميادين القتال، إنما أصل الكفاح من أجل الخير ونماء البشرية.
أمر آخر ألوم عليه نُظُم العمل بديوان الدول، فلقد قام الحكم بالدول الإسلامية بدور الوصي، وقامت الأمة بدور القاصر، ومن ثم نشأت روح الاتكالية بالمجتمعات الإسلامية، واعتمدت الشعوب على الحكومات في ترتيب شئون حياتها العامة والخاصة، كما اعتمدت على التراث والاغتراف منه بلا تعقل لترتيب شئون دينها، فتخلفت الأمة بينما يحسب كل من فيها أنهم يُحسنون صنعا، لذلك بات من الضرورة تدمير المبهمات في حياتنا للخلاص من ذلك النهج، ولابد أن يعلم المواطن كل الظروف المحيطة بحياته ودولته ودينه، ولا يكون ذلك إلا بإطلاق الحريات بكل أشكالها، حتى نخلُص إلى مواطن يُحسن الاعتماد على ذاته، ويطور تلك الذات لمنفعة الوطن.
وقد يلوذ أحد المشجِّعين للذِّكر القولي والتَّرانيم بأن هذا الأمر ليس في مُكنة المسلم العادي، وهو جدل عقيم، إذ إن الموظف المسلم فقد الفكر الصحيح عن العمل الصَّالح، وانتهى أمره أن أصبح يورِّث الأجيال المتعاقبة فكره الضَّئيل المتهالك عن العمل الصَّالح، وحصر انتصاراته في شغل الوقت بتسابيح كان يمكنه القيام بها حين تعلو همَّته العملية لعمارة الأرض، فيغنم الاثنين معا، لكن هيهات لمن ورثوا الضَّآلة أن تقفز هممهم وأفكارهم، بل تراهم ورثوا المسبحة عن أجدادهم، فهذه مسبحة بثلاث وثلاثين حبَّة، وتلك ذات مائة حبَّة، وأخرى بعدَّاد يوصلك إلى مائة ألف تسبيحة، وتلك تبلغ بك المليون تسبيحة....وهكذا، وهذا يصوم النوافل وذاك يقوم الليل، لكن أين فائدة المجتمع أهي في روتين وظيفي وعملي من مصلين وصائمين ومسبحين بالنوافل؟، لست أدري!.
وهؤلاء حين يحين دورهم لتقلد المناصب، لا يجدون في معينهم عن العمل الصَّالح في وحدة الأمَّة إلاّ الشِّعارات والصَّيحات، هذا فضلاً عن عدم قيام الدُّعاة بتوجيه النَّاس لتلك الأهداف العليَّة، ولا زالت أغلب الطرق الصُّوفية لا شُغل لها إلاَّ مقابر الصَّالحين، والسلفية لا همَّ لها إلا النبش والبحث عن فقه الأقدمين، وبينهما جماعات وجمعيات صرفت اهتمامها لإطلاق اللحى والإكثار من استخدام السواك، مع التنسك بشعائر من السُّنَة، والدعاء بالمأثور، وآخرون تصوروا الجهاد وحصروه في حمل السلاح وإثارة الرعب بين النَّاس، وهكذا أصبحت دولنا خرابًا وتخلفًا.
إن تَمَكُن الدولة الإسلامية وأفرادها من الدنيا يوفر قاعدة تمكين لدين الله في الأرض جميعا، وما هزمتنا إسرائيل مرارا، أو لعلنا نخشى مواجهتها أو مواجهة دول مثل أمريكا أو روسيا، إلا لأننا فقدنا الدنيا فأصبحنا أذلاء الأرض بصورتنا الفكرية عن الدين والعمل الصالح، وفقدنا المهمة الإستراتيجية للموظف العام بالدولة .
وأنـا أول المسلمـين
أوج العمل الصَّالح يختلف من شخص لآخر، ومن عصر إلى عصر، ومن مناسبة لأخرى كما تم بيانه، وكان ذلك هو نهج النبي ، لكن لعدم تدبر المسلمين لكتاب الله، وعدم تفهمهم لسُنَّة نبيهم، ظهر المقلدون الذين زينوا ما يقومون به من تقليد، فنعتوا أنفسهم بأنهم سلفيون نسبة للسلف الصَّالح، لكن إذا كنا نستهدف أعلى رضوان لله، فعلينا بحسن مدارسة القرءان والسُّنة، وقد قدمت كيف أن أحاديث النبي وتوجيهاته كان لها أبعاد زمانية ومكانية وشخصية مختلفة.
ولقد خبرت النَّاس وهم يظنون في قوله تعالى: {لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }الأنعام163؛ وقوله: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ }الزمر12؛ فحسبوا أن تلك الأولوية تعني النبي فقط، وهو من انحراف التدبر في كتاب الله، وحتى إن كان ذلك صحيحا أو حوته بعض التفاسير، فأنت مأمور باتباعه ، بما يعني أنك مأمور بأن تكون أول المسلمين، وبذلك فأنت في حالة تنافس بينك وبين كل أهل الإسلام الذين يعيشون في زمانك، مما ينبغي عليك أن تكون مبدعًا أو تحاول الإبداع في عملك الصَّالح، وتكون رائدا، يحتذي بك من يريد الرفعة لنفسه، والله تعالى يقول عن الأبرار بالآية 26 من سورة المطففين: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }، فالتنافس مطلوب، ونحن مأمورون باستباق الخيرات والمسارعة للحصول على مغفرته ورضوانه ، ثم جنات النعيم بإذنه ووعده، فإننا إن فعلنا ذلك وانتهينا عن المنكر، كنا خير أمة أُخرجت للناس حقا، وبغيرها نكون أمة من المفلسين كما ترى حالنا الآن.
وكما ذكرت فقد كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يسألون النبي أي العمل أفضل؟ فيجيبهم، وما ذلك إلا من حرصهم أن يكون عملهم الصَّالح أفضل ما يُرضي الله، وكان النبي يقول أحاديث كثيرة، تبدأ كلها بقوله خيركم، فقال: خيركم من تعلم القرءان وعلَّمه، وقال: خيركم خيركم لأهله، وقال: أحسنكم قضاء، وقال: أحسنكم أخلاقا، وقال: من يرجى خيره ويؤمن شره، وقال: من أطعم الطعام...إلخ، كل ذلك يؤكد حث النبي أصحابه ليكونوا أخير النَّاس بأفضل العمل.
وعلى ذلك فكلما كان عملك الصَّالح متميزا، كلما كان متوائما مع مراد الله فيك، لذلك فالتنافس والتميز والاستدامة وقوة التأثير وكثرة من يخدمهم العمل الصَّالح، كلها تدفع بصاحبها إلى صدارة المسلمين في عهده، وبذلك تكون أول المسلمين، لكنك إن صمت حياتك كلها، ما توصلت لتكون أول المسلمين، إلا إن كنت لا تُحسن غير هذا، فلا تُكلَّف إلا وسعك.
من علامات قبول الله الأعمال الصَّالحة من العباد
إن العمل الصالح واستمراره يعبران عن حقيقة إيمان العبد، ولو قبل الله عمل هؤلاء الباذلين في رمضان، والصائمين في العشرة الأوائل من ذي الحجة، وفي مناسباتهم الدينية الشهيرة، لرأيتهم يملئون المساجد بعد مرور تلك الأيام، وذلك لقوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً }مريم76؛ وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ }محمد17؛ وقوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }الشورى23؛ فكل ذلك من علامات قبول الله العمل من العاملين، لكنك ترى أنهم موسميون، لا يعملون إلا حينما يُطلَب منهم العمل، وإن عملوا فإن نهجهم هو أقل القليل وبلا تفان، لذلك فإن الله لا يزيدهم هدى، ولا يزيد في حسناتهم، بل يعودون لما دأبوا عليه من هجران المساجد، والامتناع عن صوم السنن، وعدم صلاة الصبح بموعدها، وهجر تلاوة كتاب الله، ويقل إنفاقهم وبذلهم للفقراء بصورة شديدة، وما ذلك إلا لنهجهم في عدم الإخلاص لدين الله إلا بالمناسبات، وبالسنن الخاصة بالشعائر فقط.
إن هؤلاء إن كانوا علموا أن الإخلاص هو مناط القبول، لكان لهم شأن آخر غير نهجهم الميراثي في عمل الصَّالحات موسميا، بينما الله يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5؛ فالإخلاص هو نبع قبول الله للأعمال، ولا يكون ذلك إلا من همم مندفعة بإيمان يملأ القلوب في كل وقت وحين.
هل ينحصر معنى قيام الليل في الصَّلاة فقط؟.
لقد كان الصحابة يقومون الليل بكثرة الصَّلاة، وسبق وذكرت السبب، وقد وصفهم الله لنا في قوله تعالى بسورة الذاريات: { كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{19}؛ فهل ينحصر قيام الليل بأيامنا هذه في الصَّلاة والاستغفار وتلاوة آي الذكر الحكيم؟، أو الاعتكاف بالمساجد للصلاة والتسبيح؟.
إني أرى قيام الليل في طالب يكد في مذاكرته ليلا، وأراه في صحفي يسعى للخبر ليلا لينشره صباح اليوم التالي، وأراه في كل نوبتجي بالليل بكل موقع من مواقع العمل، فنوبتجي محطة المياه أو الكهرباء يقوم الليل وإن لم يركع ركعة واحدة كنافلة في ليلته.
وباحث بالليل بمعمله أو بمكتبته، وفي طبيب بعيادته الخاصة لفائدة المجتمع، ولو كان يربح، وفي محام بمكتبه يسهر لحل الخلاف وأداء الحقوق إلى أهلها، كلهم وأشباههم من القائمين الليل على أن تنصرف نياتهم لأداء أعمالهم لرضوان الله.
وكل تلك الدروب وغيرها لم تكن موجودة على عهد رسول الله ؛ فلماذا انحصر فكرنا عن قيام الليل في الصَّلاة فقط، بل وترانا نردد سنويا كالببغاء حين نقوم بها في جماعة ـ بشهر رمضان فقط ـ أن عمر بن الخطاب قال {نعمت البدعة هذه}، ومنا من يقول بأن الصحابة كانت تتورم أقدامهم من كثرة قيام الليل في صلاة، ولست أدري فقه التورم والدعوة إليه واستحسانه في أيامنا هذه، إلا أنه فقه لأصحاب الأزمات النفسية والفساد الفقهي.
فلماذا لا تأخذون عني بدعة قيام الليل لمصلحة الأمة، ومصلحة الدولة، ومصلحة الحي؟!، هل لابد أن يكون قيام الليل صلاة أو تلاوة فقط؟، إني أرى ما ذكرت أفضل مما ورثتموه بلا اهتمام منكم بتطور الزَّمان والاهتمامات والاحتياجات، وذلك مع تقديسي وأدائي للصلاة المفروضة في موعدها، وللنوافل التي تحتاج لها نفسي، شريطة ألا تؤثر على مصلحة المجتمع، لكن لابد وأن تكون الأسبقية اليوم في العمل الصَّالح لمصالح نماء الحياة والغير، ولا يمنع ذلك أن يصلي من لا يحسن إلا قيام الليل بالصَّلاة فليقطع الوقت في الصلاة كما يشاء.
إن التلمظ النفسي والفكري عند البعض خوفا من ضياع تُراث الصحابة، يعبِّر عن غباء فكري أودى بنا إلى تقليص معنى العمل الصَّالح داخل دائرة الشعائر وما شاكلها من النوافل، مما تخلفت به الأمة، وأصبحت في ذيل الأمم، ولأن هؤلاء السدنة لا يجيدون إلا ذلك الفكر فقد توسعوا في فكر التحريم، وتوسعوا في فقه القُربات من خلال الشعائر بلا ضابط، فها هم يوقفون قص الشعر والأظافر لمن يريد أن يضحي بأضحية لله بمناسبة عيد الأضحى، وكأنهم يضيقون عليه لأنه يريد القيام بسُنَّة، ويزعمون أنه بذلك يحصل له من الثواب ما يحصل للحاج، وهم لا يستحون أن ينسبوا ذلك الهراء لرسول الله، ويقولون أنه بكتب الصحاح التي لا تتواجد بأيديهم نسخة واحدة مخطوطة منه بخط أحد أصحاب الصحاح الذين أُحرقت صحاحهم بحريق مكتبة بغداد حين هاجمها التتار، لكنهم مع ذلك يتعصبون ويقدسون ما لا يجب التعصب له ولا تقديسه، وما أراهم إلا مثل من كانوا يوزعون صكوك الغفران على النَّاس من خلال تعاليم من صنعهم.
الفرق بين العمل الصَّالح وعمل الخير
وثمة فارق كبير بين العمل الصَّالح وفعل الخير، فليس كل فعل خير من العمل الصَّالح، فمن ينفق في سبيل الله أموالاً جلبها من حرام لا يقوم بعمل صالح، إنما يقوم بعمل خير للآخرين، لكن لا يقبله الله، والذي يدخل مزادا يخصص دخله لمصلحة الأيتام، فيشتري رداء لراقصة مشهورة، لا يعمل عملا صالحا، ولا الراقصة التي يهوى لباسها، إنما هو يقوم بعمل خير لصالح الأيتام لكنه ليس بصالح للعرض على الله كحسنة يُثاب عليها، فالعمل الصَّالح يجب أن يكون مما يقبله الله، وأن يكون خالصا لوجهه، وأن يبذل فيه أقصى الطاقة، والله تعالى يقول في مُحكم آيات الكتاب: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15، وكما ورد بالحديث: {إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا}.
أما ذكر كلمة الخير في القرءان فيعني الخير المطلق، أي الذي استوفي شرائط قبوله، بما يعني أنه عمل صالح، وقد تعني تلك الكلمة في أحيان أخرى التمايز بين الخير والشر، لكن لا تعارض في تمييز عمل الصَّالحات الذي ذكرناه، عن عمل الخير الوارد بالقرءان على أنه عمل صالح، وهما غير ذلك الخير الذي أطلقه النَّاس في أيامنا هذه بلا تمييز على كل الأعمال، حتى أقاموا المزادات الماجنة واليانصيب وحفلات الغناء والرقص حتى الصباح بدعوى أن الحصيلة ستئول لعمل أو جهات الخير.
تخصص الدعاء وقراءة القرءان
من بين معتقداتنا أن الدعاء مخ العبادة، لذلك ترانا وقد أفردنا للدعاء مرتبة خاصة، ولأسفي فإن الناس قد انتهى جهدهم عند الدعاء، ويتصورون أنهم يعملون عملا صالحا، فهم يدعون الله ولا يعملون.
هل تصور الناس أن الله يجيب دعاء أعزب أن يهبه الله ذرية طيبة!، إنه لابد عليه أن يتزوج أولا حتى يقبل الله دعاءه ويهبه ما يبغيه من ذرية طيبة، لذلك فإن الدعاء بلا عمل غير مقبول، ولقد بين القرءان ذلك بقوله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة250؛ بما يعني أنهم أقدموا على العمل ثم جأروا لله بالدعاء، ويقول تعالى بسورة يونس: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{9} دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{10}؛ وهو ما يعني أنهم آمنوا أولا، ثم عملوا الصالحات ثانيا، ثم دعوا ربهم ثالثا.
وإن الذين تخصصوا في ميكنة الدعاء، والذين طبعوا نصوص الأدعية في كتب، إنما يُخَدِّرُون الأمة، ويصنعون سقطات نفسية استعاض بها أولئك الداعون لله دون عمل يسبق الدعاء، ودون إبداع، ودون دراسات، في زمن يرعى العلم والإبداع، لقد استعاضوا بها عن العمل، وخانوا الأمة حين قاموا بتفسير قوله تعالى إن كثرة الاستغفار القولي تصنع الرفاهية وتزيد في الذرية، وحرضوا الناس على كثرة الاستغفار بقولهم إن النبي كان يستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من مائة مرة، ولم يُعلِّموهم أن الاستغفار نسيج عملي يتبعه اعتراف قولي.
إن أولئك الداعين والمستغفرين يظنون أنهم يقومون بعمل صالح، ويمنحون أنفسهم حق الراحة بعد عناء الدعاء والاستغفار، وهو ما يضر بمسيرة الأمة نحو التقدم الخلقي والعملي، وكان يجب التعامل مع الأمر بتكامل، حتى لا تتخصص الأمة في القول بلا عمل، فما أسهل تلك المهمة، وما أسوء نتائجها.
ويسهل على الجميع إطلاق تلك الترانيم القولية التي تخرج من الفم، إن ذلك هو منطق ومنطلق الكسالى من الذين يتصورون أنهم يحسنون صنعا، فقراءة القرءان، والتقعر فيه، وقطع أشواط من الوقت والفكر لأجل أحكام التلاوة، أمر لا بأس به، لكن أن يظل هذا حال كل من بالمساجد في تعاملهم مع كتاب الله ولسنوات عديدة، فذلك ليس بعمل صالح، لكنه إسقاط نفسي ومخدر موضعي يظن به صاحبه أنه يعمل عملا صالحا، لأن الأصل في القرءان التدبر العقلي والتنفيذ العملي لما تم تدبره، والدعوة به.
فضل العمل الصَّالح لصاحبه في الدنيا
وللعمل الصَّالح جزاء في الدنيا قبل الآخرة، فيقول تعالى في شأن جزاء الدنيا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}النحل97؛ ويقول تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55؛ ويقول تعالى: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ }الجاثية21؛ فالحياة الطيبة والاستخلاف في الأرض والتميز عن أصحاب المعاصي في الدنيا والآخرة هو الجزاء الصريح لمن كان عمله صالح.
جزاء العاملين صالحا في الآخرة
وللمداومين على العمل الصَّالح جزاء مميز في الآخرة، حيث يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْد
رذيلة الحرب لمصلحة إبليس

لست أدري ما هي المؤهلات الفقهية لمن يحاربون ارتداء الحجاب بهذه الأيام، هل لا يجدون في الفقه الإسلامي نقيصة إلا الحجاب ليدخلوا من بوابته، ما هي قراءاتهم وما هي كتاباتهم السابقة حتى نسمع لهم في رفض الحجاب.
وهل بذات الملمح يحق للمحجبات ان ينتقدوا تلك التي لا تغطي شعرها أو ذلك الذي يحدد مؤخرته ببنطال يرتديه.
أيمكن أن يكون هذا حال مجتمع سوي؟!!!.
أفهم أن يكون الكلام موضوعيا وممنهجا وبكل السلبيات...لكن أن تتخصص في محاربة الحجاب فقط وتقيم موقعا لمحاربته فأنت خادم للشيطان بلا أدنى شك .
فأن يخطئ الإنسان في التزمت بفضيلة كالحجاب خير من أن يخطئ في التسيب لتشجيع الرذيلة في التعري....ولا أقصد أن غير المحجبة على رذيلة ولا أن المحجبة على فضيلة...لكن ما يهمني هو المنهجية والموضوعية.
فأنا أرى بأن الحجاب ليس بفريضة ومحاربته رذيلة...فالفساق هم من يشغلون انفسهم بمحاربة المحجبات بينما لا تكاد تجد لهم سهما في التدين غير هذا.
وأرى بأن لباس التقوى خير من لباس القماش ومن تزينت بهما معا فهي أفضل وأفضل....

مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
ضرب المرأة

من خلاصة جهد صديقي المهندس حاتم فودة الصحفي بجريدة المصري اليوم ورئيس تحرير باب السكوت ممنوع، أقدم لكم تلخيصا لخمس وثلاثون مقالا بشأن ضرب المرأة في القرءان الكريم ومعناه.
مركزا الشرح على معنى ما ورد بالقرءان من كلمة [واضربوهن] الواردة بقوله سبحانه: {... وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34.
• فأبدأ أولا بسؤال: هل يتماشى ضرب المرأة مع ما أمرنا به الرسول وقوله "رفقا بالقوارير"و"أوصيكم بالنساء خيرا"؟.. وللعلم فإن معظم النساء إذا ضُربن لا ينسين هذا الفعل ابدا !!.
كما ذكرت كلمة "ضرب" وردت بمشتقاتها المختلفة في القرآن الكريم 58 مرة لفظ ( ضرب ) بمشتقاته المختلفة ( ضرب – يضرب – ضربتم – ضربنا – تضربوا – يضربن – اضرب - اضربوه – اضربوهن – ضربا – ضربت ..الخ )..
وجدت من خلال مراجعتها أن منها 27 مرة ارتبطت بكلمة "مَثل" و"الأمثال" كما في قوله في سورة التحريم (وضرب الله مَثلا للذين آمنوا، امرأة فرعون....) , وفي قوله (.... كذلك يضرب الله الأمثال) وهي هنا بمعنى يُبين ويُذكر.
ولابد أن نعلم بأن ضرب الارتطام المادي لابد فيه من تحديد المكان المضروب أو أداة الضرب.....أما ضرب الأمثال والضرب المعنوي والضرب العام فلا تحديد فيه كما هو الحال بشأن كلمة [ضرب ] الواردة بسورة النساء عن ضرب المرأة الناشز...فهو ليس ضرب ارتطام مادي لكنه ضرب معنوي بالهجر خارج الفراش...وإليكم الأدلة والبيان من البرهان القرءاني.
فقد يأت لفظ الضرب بمعنى "الامتناع" مثل قوله في سورة الكهف (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) والضرب على الأذن هنا يعنى تعطيل حاسة السمع، وجعلها لا تتعامل مع المحيط الخارجي، وليس معناه اعتداء باليد أو غيرها.
وقد يأت لفظ الضرب بمعنى السير والسفر لابتغاء الرزق وخلافه , مثل في قوله في سورة النساء 101 (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة....).
ثانيا: [الضرب بـ]
يقول الله تعالى في سورة النور31 آمرا رسوله بأن يأمر النساء المؤمنات بما يرفع من مكانتهن بقوله (....وليضربن بخمورهن على جيوبهن....) والضرب هنا بمعنى وضع الشيء على الشيء..

وبقوله في نفس الآية (... ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن..) والضرب هنا متعلق بحركة الأرجل.
في قصة سيدنا موسى عندما أمر قومه بذبح بقرة بمواصفات معينة لكشف جريمة قتل، قال سبحانه في سورة البقرة 73( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) بمعنى أن يلامس جزء من تلك البقرة جسد الميت, ولم يقل اضربوه فقط بل حدد أداة الضرب وهي ببعضها أي بجزء من تلك البقرة.
أيضا في قصة سيدنا موسى عندما توجه بقومه تجاه البحر الأحمر هرباً من فرعون فقال الله تعالى في سورة الشعراء 63 (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وقد حدد هنا الأداة وهي عصاتة، وأيضاً عندما استسقى لقومه قال الله في سورة البقرة 60 (وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر) بمعنى تحريك العصا لتصدم بالحجر!!
ثالثا: أنواع متفرقة من ضرب الارتطام
• يقول الله تعالى في قصة سيدنا موسى في سورة القصص 15( فوكزه موسى فقضى عليه ) فلم يستعمل كلمتي "فضربه موسى" , ولم يستعمل أيضا كلمة الضرب عندما أمسك سيدنا موسى بلحية وشعر رأس أخيه سيدنا هارون , فقال في سورة طه 94( قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ورأسي ) .
• يقول الله تعالى في سورة الأنفال 12 ( إذ يُوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم سأُلقى في قلوب الذين كفروا الرعب فأضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وقال المفسرون : الضرب هنا هو التسديد ,وصدم السيف بالرقبة والأطراف , فالمضروب هنا مُحدد , وفي الحرب يقول تعالى في سورة محمد 4 ( فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشُدوا الوثاق ) أي صدم السيف بالرقاب ,
• وعندما أرتبط لفظ الضرب بامرأة في قوله تعالي في سورة ص 44 ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ) وفُسرت برواية لم يرد في تعيينها أثر صحيح , وأختلف المفسرون حولها , ومنها أن زوجة سيدنا أيوب قصت ضفيرتها وباعتها مقابل خبز أطعمته إياه , فغضب على زوجته ,وحلف إن شفاه الله ليجلدنها مائة جلدة .. فلما شفاه الله ما كان جزاؤها مقابل خدمتها له , وما يُعبر عنه فعلها من حب وعطف وشفقة أن تُضرب فأفتاه الله أن يجمع مائة عود من الأغصان الرقيقة (الشماغ) ويضربها بها ضربة واحدة بحيث لا يحنث في يمينه !! .. وللحديث بقية ؟.
• في قصة سيدنا إبراهيم يقول الله في سورة الصافات 93 ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) وقد حُدد الضرب هنا أنه صدم بيمين سيدنا إبراهيم , فيمينه هي أداة الضرب , والمضروب هو الأصنام .
• يقول الله تعالى في سورة الأنفال 50 ( ولو ترى إذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) ولقد حدد الله هنا الأجزاء المضروبة وهى الوجوه والأدبار , ونلاحظ أنه كلما وردت كلمة الضرب بمعنى الصدم بشيء تُحدد "وسيلة الضرب" و"المكان المضروب" .
• مما سبق يتضح أن لكلمة (الضرب) معان عديدة , وقد جاء في "لسان العرب"و" مختار الصحاح " أن منها أيضا : " ضَرب على يده " أي كفه عن شيء أو منعه , و"أضرب الشيء" أي أعرض ,وقول " أضرب الرجل في البيت " أي أقام في البيت , وضربته العقرب أي لدغته , وضرب الدرهم أي طبعه , وغير ذلك , وخلاصته أن من معاني "الضرب" الإعراض والذهاب والتجاهل والتسكين والحَجر والسير والقتال .
• لم يَضرِب سيدنا النبي أيا من أزواجه , ولم نقرأ عن صحابي ضرب زوجته ولو "بالمسواك" كما قال بعض المفسرين! فإذا كان لفظ "واضربوهن" ورد عند نشوز الزوجة ,فماذا لو نشز الزوج هل تضربه أو يُضرب بمعرفة أهلها ؟ انظروا قوله تعالى في سورة النساء 128 ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير ...) حتى عند الطلاق لم يُذكر الضرب ولو مرة واحدة بل دعى لمحاولات الصلح والإمساك بمعروف أو المفارقة بمعروف .
• نخلص من هذا كله أن الآية 34 من سورة النساء لم يُحدد فيها وسيلة الضرب أو مكان الضرب بل جعلها كلمة عامة , مما يعني عدم وجود الضرب المادي [ضرب الارتطام] بالإسلام .
• وهو ما يعني تجاهل الرجل للمرأة تماما والإعراض عنها , وهى مقيمة في بيتها حتى تستجيب لزوجها .. فيا أحبابي ليس في الإسلام ضرب للزوجة , وكفانا فقها مخالفا لمرامي كلمات الله !!...

مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

الدين منهج و موضوعية وليس تعظيمات لشخوص دينية

ويحسبون أنهم مهتدون
بعض الناس يعيشون الأوهام ويسبحون فيها ....ويدخلهم الشيطان أنفاق الإشراك فلا يرون إلا أصنامه التي تمحوروا حولها.
لذلك فهم لا يفهمون أي مقال أكتبه إلا من خلال انفاق إبليس التي وضعهم الشيطان بها...فتراهم يناقشونا من خلال تلك الأنفاق.
فالدين ليس متمحورا في علي بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي المنتظر والإمام الغائب ولا حتى في النبي محمد....ولا في الصحابة جميعا ولا فرادى.
لكن الدين منهج وموضوعية وليس شخوص وتعظيمات لشخوص والالتفاف حول تلك الشخوص فتلكم هي الصنمية التي يعيشها ملايين البشر بينما يظنون بأنهم موحدون لله....
وحقا قال تعالى عن اختراع الشياطين لمنهج الصنمية الشخصية وإدخالها في دين الله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }الزخرف37.
تماما كمن عاشوا تعظيم النبي محمد وتفننوا في الصلاة عليه بينما تركوا القرءان وذكر الله ...لأنهم مشدوهين بشخص النبي محمد وسنته...فخرجوا من الدين إلى فنون وجنون..
ولم يأمرنا ربنا بالتمحور حول شخص نبي الله إبراهيم رغم كونه أبو الأنبياء وخليل الرحمن وإمام الناس جميعا بنصوص قرءانية ثابتة .... لكن أمرنا بالتمحور حول منهاجه وملّته وليس حول ذاته وعصمته...بينما أنه هو الذي سمانا المسلمين من قبل.
لذلك فإن الله تعالى قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }يوسف106
ولا يمنع ذلك كله من توقير من يتوجب توقيرهم من الأنبياء والصالحين وأهل البيت جميعا بلا غلو ولا ندم على موتهم شهداء أو موتهم غير شهداء...فنبينا محمد ومن قبله الإمام الأعظم إبراهيم خليل الرحمن ماتوا على فرشهم ولم يتم قتلهم في حروب في سبيل الله.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي