ضرب المرأة
وبقوله في نفس الآية (... ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن..) والضرب هنا متعلق بحركة الأرجل.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
من خلاصة جهد صديقي المهندس حاتم فودة الصحفي بجريدة المصري اليوم ورئيس تحرير باب السكوت ممنوع، أقدم لكم تلخيصا لخمس وثلاثون مقالا بشأن ضرب المرأة في القرءان الكريم ومعناه.
مركزا الشرح على معنى ما ورد بالقرءان من كلمة [واضربوهن] الواردة بقوله سبحانه: {... وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34.
• فأبدأ أولا بسؤال: هل يتماشى ضرب المرأة مع ما أمرنا به الرسول وقوله "رفقا بالقوارير"و"أوصيكم بالنساء خيرا"؟.. وللعلم فإن معظم النساء إذا ضُربن لا ينسين هذا الفعل ابدا !!.
كما ذكرت كلمة "ضرب" وردت بمشتقاتها المختلفة في القرآن الكريم 58 مرة لفظ ( ضرب ) بمشتقاته المختلفة ( ضرب – يضرب – ضربتم – ضربنا – تضربوا – يضربن – اضرب - اضربوه – اضربوهن – ضربا – ضربت ..الخ )..
وجدت من خلال مراجعتها أن منها 27 مرة ارتبطت بكلمة "مَثل" و"الأمثال" كما في قوله في سورة التحريم (وضرب الله مَثلا للذين آمنوا، امرأة فرعون....) , وفي قوله (.... كذلك يضرب الله الأمثال) وهي هنا بمعنى يُبين ويُذكر.
ولابد أن نعلم بأن ضرب الارتطام المادي لابد فيه من تحديد المكان المضروب أو أداة الضرب.....أما ضرب الأمثال والضرب المعنوي والضرب العام فلا تحديد فيه كما هو الحال بشأن كلمة [ضرب ] الواردة بسورة النساء عن ضرب المرأة الناشز...فهو ليس ضرب ارتطام مادي لكنه ضرب معنوي بالهجر خارج الفراش...وإليكم الأدلة والبيان من البرهان القرءاني.
فقد يأت لفظ الضرب بمعنى "الامتناع" مثل قوله في سورة الكهف (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) والضرب على الأذن هنا يعنى تعطيل حاسة السمع، وجعلها لا تتعامل مع المحيط الخارجي، وليس معناه اعتداء باليد أو غيرها.
وقد يأت لفظ الضرب بمعنى السير والسفر لابتغاء الرزق وخلافه , مثل في قوله في سورة النساء 101 (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة....).
ثانيا: [الضرب بـ]
يقول الله تعالى في سورة النور31 آمرا رسوله بأن يأمر النساء المؤمنات بما يرفع من مكانتهن بقوله (....وليضربن بخمورهن على جيوبهن....) والضرب هنا بمعنى وضع الشيء على الشيء..
وبقوله في نفس الآية (... ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن..) والضرب هنا متعلق بحركة الأرجل.
في قصة سيدنا موسى عندما أمر قومه بذبح بقرة بمواصفات معينة لكشف جريمة قتل، قال سبحانه في سورة البقرة 73( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) بمعنى أن يلامس جزء من تلك البقرة جسد الميت, ولم يقل اضربوه فقط بل حدد أداة الضرب وهي ببعضها أي بجزء من تلك البقرة.
أيضا في قصة سيدنا موسى عندما توجه بقومه تجاه البحر الأحمر هرباً من فرعون فقال الله تعالى في سورة الشعراء 63 (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وقد حدد هنا الأداة وهي عصاتة، وأيضاً عندما استسقى لقومه قال الله في سورة البقرة 60 (وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر) بمعنى تحريك العصا لتصدم بالحجر!!
ثالثا: أنواع متفرقة من ضرب الارتطام
• يقول الله تعالى في قصة سيدنا موسى في سورة القصص 15( فوكزه موسى فقضى عليه ) فلم يستعمل كلمتي "فضربه موسى" , ولم يستعمل أيضا كلمة الضرب عندما أمسك سيدنا موسى بلحية وشعر رأس أخيه سيدنا هارون , فقال في سورة طه 94( قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ورأسي ) .
• يقول الله تعالى في سورة الأنفال 12 ( إذ يُوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم سأُلقى في قلوب الذين كفروا الرعب فأضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وقال المفسرون : الضرب هنا هو التسديد ,وصدم السيف بالرقبة والأطراف , فالمضروب هنا مُحدد , وفي الحرب يقول تعالى في سورة محمد 4 ( فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشُدوا الوثاق ) أي صدم السيف بالرقاب ,
• وعندما أرتبط لفظ الضرب بامرأة في قوله تعالي في سورة ص 44 ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ) وفُسرت برواية لم يرد في تعيينها أثر صحيح , وأختلف المفسرون حولها , ومنها أن زوجة سيدنا أيوب قصت ضفيرتها وباعتها مقابل خبز أطعمته إياه , فغضب على زوجته ,وحلف إن شفاه الله ليجلدنها مائة جلدة .. فلما شفاه الله ما كان جزاؤها مقابل خدمتها له , وما يُعبر عنه فعلها من حب وعطف وشفقة أن تُضرب فأفتاه الله أن يجمع مائة عود من الأغصان الرقيقة (الشماغ) ويضربها بها ضربة واحدة بحيث لا يحنث في يمينه !! .. وللحديث بقية ؟.
• في قصة سيدنا إبراهيم يقول الله في سورة الصافات 93 ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) وقد حُدد الضرب هنا أنه صدم بيمين سيدنا إبراهيم , فيمينه هي أداة الضرب , والمضروب هو الأصنام .
• يقول الله تعالى في سورة الأنفال 50 ( ولو ترى إذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) ولقد حدد الله هنا الأجزاء المضروبة وهى الوجوه والأدبار , ونلاحظ أنه كلما وردت كلمة الضرب بمعنى الصدم بشيء تُحدد "وسيلة الضرب" و"المكان المضروب" .
• مما سبق يتضح أن لكلمة (الضرب) معان عديدة , وقد جاء في "لسان العرب"و" مختار الصحاح " أن منها أيضا : " ضَرب على يده " أي كفه عن شيء أو منعه , و"أضرب الشيء" أي أعرض ,وقول " أضرب الرجل في البيت " أي أقام في البيت , وضربته العقرب أي لدغته , وضرب الدرهم أي طبعه , وغير ذلك , وخلاصته أن من معاني "الضرب" الإعراض والذهاب والتجاهل والتسكين والحَجر والسير والقتال .
• لم يَضرِب سيدنا النبي أيا من أزواجه , ولم نقرأ عن صحابي ضرب زوجته ولو "بالمسواك" كما قال بعض المفسرين! فإذا كان لفظ "واضربوهن" ورد عند نشوز الزوجة ,فماذا لو نشز الزوج هل تضربه أو يُضرب بمعرفة أهلها ؟ انظروا قوله تعالى في سورة النساء 128 ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير ...) حتى عند الطلاق لم يُذكر الضرب ولو مرة واحدة بل دعى لمحاولات الصلح والإمساك بمعروف أو المفارقة بمعروف .
• نخلص من هذا كله أن الآية 34 من سورة النساء لم يُحدد فيها وسيلة الضرب أو مكان الضرب بل جعلها كلمة عامة , مما يعني عدم وجود الضرب المادي [ضرب الارتطام] بالإسلام .
• نخلص من هذا كله أن الآية 34 من سورة النساء لم يُحدد فيها وسيلة الضرب أو مكان الضرب بل جعلها كلمة عامة , مما يعني عدم وجود الضرب المادي [ضرب الارتطام] بالإسلام .
• وهو ما يعني تجاهل الرجل للمرأة تماما والإعراض عنها , وهى مقيمة في بيتها حتى تستجيب لزوجها .. فيا أحبابي ليس في الإسلام ضرب للزوجة , وكفانا فقها مخالفا لمرامي كلمات الله !!...
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق